وجه قانا شاحب اللون كما وجه يسوع.
و هواء البحر في نيسان,
أمطار دماء, و دموع…
دخلوا قانا على أجسادنا
يرفعون العلم النازي في أرض الجنوب.
و يعيدون فصول المحرقة..
هتلر أحرقهم في غرف الغاز
و جاؤوا بعده كي يحرقونا..
هتلر هجرهم من شرق أوروبا..
و هم من أرضنا قد هجرونا.
هتلر لم يجد الوقت لكي يمحقهم
و يريح الأرض منهم..
فأتوا من بعده ..كي يمحقونا!!.
دخلوا قانا..كأفواج ذئاب جائعة.
يشعلون النار في بيت المسيح.
و يدوسون على ثوب الحسين..
و على أرض الجنوب الغالية..
قصفوا الحنطة, و الزيتون, و التبغ,
و أصوات البلابل..
قصفوا قدموس في مركبه..
قصفوا البحر..و أسراب النوارس..
قصفوا حتى المشافي..و النساء المرضعات..
و تلاميذ المدارس.
قصفوا سحر الجنوبيات
و اغتالوا بساتين العيون العسلية!..
….و رأينا الدمع في جفن علي.
و سمعنا صوته و هو يصلي
تحت أمطار سماء دامية..
كل من يكتب عن تاريخ (قانا)
سيسميها على أوراقه:
(كربلاء الثانية)!!.
كشفت قانا الستائر..
و رأينا أميركا ترتدي معطف حاخام يهودي عتيق..
و تقود المجزرة..
تطلق النار على أطفالنا دون سبب..
و على زوجاتنا دون سبب.
و على أشجارنا دون سبب.
و على أفكارنا دون سبب.
فهل الدستور في سيدة العالم..
بالعبري مكتوب..لإذلال العرب؟؟
هل على كل رئيس حاكم في أمريكا؟
إن أراد الفوز في حلم الرئاسة..
قتلنا, نحن العرب؟
انتظرنا عربي واحداً.
يسحب الخنجر من رقبتنا..
انتظرنا هاشميا واحداً..
انتظرنا قريشياً واحداً..
دونكشوتاً واحداً..
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربه…
انتظرنا خالداً..أو طارقاً..أو عنترة..
فأكلنا ثرثرة و شربنا ثرثرة..
أرسلوا فاكسا إلينا..استلمنا نصه
بعد تقديم التعازي و انتهاء المجزرة!!.
ما الذي تخشاه إسرائيل من صرخاتنا؟
ما الذي تخشاه من (فاكساتنا)؟
فجهاد الفاكس من أبسط أنواع الجهاد..
فهو نص واحد نكتبه
لجميع الشهداء الراحلين.
و جميع الشهداء القادمين!!.
ما الذي تخشاه إسرائيل من ابن المقفع؟
و جرير ..و الفرذدق؟
و من الخنساء تلقي شعرها عند باب المقبرة..
ما الذي تخشاه من حرق الإطارات..
و توقيع البيانات..و تحطيم لمتاجر..
و هي تدري أننا لم نكن يوما ملوك الحرب..
بل كنا ملوك الثرثرة…
ما الذي تخشاه من قرقعة الطبل..
و من شق الملاءات..و من لطم الخدود؟
ما الذي تخشاه من أخبار عاد و ثمود؟؟
نحن في غيبوبة قومية
ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا…
نحن شعب من عجين.
كلما تزداد إسرائيل إرهابا و قتلا..
نحن نزداد ارتخاء ..و برودا..
وطن يزداد ضيقاً.
لغة قطرية تزداد قبحاً.
وحدة خضراء تزداد انفصالاً.
و حدود كلما شاء الهوى تمحو حدودا!!
كيف إسرائيل لا تذبحنا ؟
كيف لا تلغي هشاما, و زياداً, و الرشيدا؟
و بنو تغلب مشغولون في نسوانهم..
و بنوا مازن مشغولون في غلمانهم..
و بنو هاشم يرمون السراويل على أقدامها..
و يبيحون شفاها ..و نهودا!!.
ما الذي تخشاه إسرائيل من بعض العرب
بعد ما صاروا يهودا؟؟…
الشاعر الكبير : نزار قباني .