[img]
[/img]
لم يعد وصف «بحر البقاع»، مطابقاً للواقع الحالي لنهر الليطاني الذي يخترق قرى البقاعين الأوسط والغربي.
تحول النهر «النعمة» الذي كان ينشر الحياة و يروي سكان العديد من القرى البقاعية، إلى مجرى من المياه السوداء التي تحمل كل أنواع الملوثات والأمراض بفعل تحويل مصبات مياه الصرف الصحي والصناعي إلى مجاريه وروافده التي صارت مع مرور الوقت مكبات للنفايات العضوية والصلبة ومصبات للمياه الآسنة.
تغيرت مهمة نهر الليطاني كما تغير اسمه ولون مياهه، فمن نهر يدب الحياة على ضفافه ويضفي عليها جمالية طبيعية، مستنبتاً أشجار الحور والصفصاف... ومن نهر جعل من سهل البقاع إهراءات روما ورسم بانحداره نحو الجنوب شرياناً بقاعياً حيوياً... تحول خلال السنوات الماضية إلى عكس ما كان عليه... أقل ما يقال فيه مجرى مائي هو أقرب إلى مجرور للصرف الصحي يضع المحيطين به في دائرة الخطر بعدما كان العيش على ضفافه ميزة يحسده عليها جيرانه.
اليوم تفوح من مجرى الليطاني رائحة الموت بما تحمله من مخاطر بيئية وصحية تعممها على المناطق البقاعية التي تقع على ضفتيه، مثله مثل مجاري الأنهر الأخرى في البقاع.
اخطر ما في مشكلة تلوث نهر الليطاني والاعتداءات على حرمه، تشريع الدولة لهذا الاعتداء والتلوث، من خلال قيام وزارة الطاقة والمياه بتحويل مجاري الصرف الصحي إلى مجراه وتمديد اغلب أنابيب شبكات الصرف الصحي مع «الريغارات» الكبيرة في روافده التي تخترق اغلب القرى البقاعية، وعلى نفقتها المالية.
من المفارقات المحزنة التي يعيشها أبناء البقاع بسبب التلوث والتعديات على نهر الليطاني، اندثار ذلك «المجد الاصطيافي» و«الثراء الطبيعي اللا محدود» الذي اكتسبته بعض قرى البقاع لعذوبة ينابيعها وروافد الليطاني قديماً.حال الليطاني دفع برئيس مصلحة مياه الليطاني علي عبود إلى التحذير مؤخراً من واقع خطير يشهده نهر الليطاني وبحيرة القرعون، ينذر، وبفعل التراكم مع مرور الزمن والتأخير بالمعالجة الجذرية، بأوخم العواقب، وبات يلامس حدوداً كارثية وينعكس سلباً على جميع القاطنين والمستثمرين لحوض النهر ومياهه».
فبفعل هروب حكومات لبنان من مواجهة الازمات البيئية وانعدام التخطيط لديها، لا بل عشوائية المشاريع التي نفذتها في منطقة البقاع وخصوصاً مشاريع الصرف الصحي التي صرفت عليها المليارات، وذهبت بمعظمها إلى جيوب المسؤولين والمنفذين المحظوظين، ولم تنتج حلاً لأهم ازمة بيئية تطال حياة معظم اهالي البقاع، بل كل الشعب اللبناني كون البقاع منتجاً أساسياً لكافة السلع الزراعية.تحول الليطاني من نهر مائي الى مجرى للصرف الصحي وباعث لغازات سامة أصبح من الصعب العيش حول مجراه... يلوث الأراضي التي تروى منه، وتصل أضراره إلى باطن الأرض حيث مصدر المياه الجوفية. من سهل العليق حيث منبعه تبدأ «السفير» تحقيقاتها عن الليطاني في البقاع وصولاً إلى مصبه في القرعون، مع تفاصيل التعديات التي لا تحصى على مجراه والتي تشكل خطراً على المواطنين الذين لا ينقصهم أمراض جديدة ولا فواتير إضافية هم عاجزون عن تحمل تبعاتها، هذا بالإضافة إلى حقهم الأساس...حقهم بمياه صحية وسليمة وبمنتج زراعي لا يكون ملغوماً وبنهر يشبه الليطاني القديم الذي كان بحرهم.