مشكلة الجفاف
وتشير الدراسة الى ان التحديات المطروحة امام المجتمعات حول مشكلة الجفاف وانخفاض معدلات الامطار تطرح التساؤل بشأن امكانية مواجهة ازدياد الحاجة الى المياه من المصادر المختلفة اضافة الى نوعية هذه المياه المستهلكة (مياه الشفة او مياه الري)، وحول مدى تلوث هذه المياه، مما يؤثر بشكل فعال على صحة الانسان في لبنان.
هذه الدراسة تطرح التساؤل حول نوعية المياه الجوفية المستخدمة للري في منطقة البقاع الاوسط ومدى تلوثها بعنصر النترات الذي يعد من اهم مؤشرات التلوث، وخصوصا في الآونة الاخيرة مع ازدياد نسب التسميد الزراعي المكثف العشوائي وغير القانوني بهدف زيادة الانتاجية الزراعية وبالتالي المردود الاقتصادي لدى المزارعين.
ويقوم فرع الري في مصلحة الابحاث العلمية الزراعية ببحث يتمحور حول اهداف ثلاثة:
اولا، اجراء مسح ميداني لنوعية مياه الآبار المستخدمة في ري المحاصيل الزراعية في منطقة البقاع الاوسط.
ثانيا، تحديد مستوى التلوث في هذه الآبار نتيجة الاستعمالات الجائرة للاسمدة الزراعية بالاخص، التسميد الآزوتي الذي يشكل تهديدا مباشرا للصحة الانسانية.
ثالثا، اقتراح حلول لمشاكل التلوث المائي من شأنها التخفيف من حدة استعمالات الاسمدة الزراعية وتخفيف الضغط البيئي الناتج عنها.
المشكلة المائية في لبنان تكمن، بحسب كرم، في ان المتساقطات هي المصدر الوحيد للمياه في لبنان، فهو جغرافيا مرتفع اكثر من الدول المجاورة وبالتالي لا يدخل اليه اي نهر، بل على العكس تخرج منه المياه.
اذا لبنان مصدر للمياه، انما من دون مقابل، الامر الذي يجعله يهدر مياهه التي هو باشد الحاجة اليها.
من هنا يرى كرم ان سياسة الاقتصاد المائي في لبنان يجب ان تبنى على الاعتراف باهمية المتساقطات في لبنان وضرورة تجميعها ضمن احواض وسدود من اجل استعمالها في فصل الصيف. ويجب ان يدرك المواطن اللبناني ان المناخ عالميا يسوده متغيرات وسينعكس ذلك سلبا عليه في لبنان اكثر من الدول الاخرى بسبب افتقارنا للمناعة المتمثلة بسياسات مائية تتحسب لانخفاض كميات المياه وتنفذ عملية ترشيد للاستهلاك.
هناك كميات هائلة من المتساقطات يتلقاها لبنان وهي تتراوح ما بين 750 - 850 ملم سنويا. واذا قسمت هذه الكمية على مساحة لبنان (452،10 كلم2)، نحصل على ميزانية مائية تقدر بـ 6،8 مليار م.3 لكن كمية المياه المتاحة القابلة للاستعمال اقتصاديا، كما يقول كرم، هي اقل بكثير من هذا المعدل، اذا ما اخذنا في الحسبان كميات المياه الذاهبة الى البحر، كمية التبخر وكمية الجريان المائي السطحي نحو البلدان المجاورة.
كرم يعتبر ان الاهمية التي يجب ان تولى، في موضوع مواجهة ندرة المياه، هي لتوعية المواطنين وخلق وعي بان هذا العنصر (المياه) هو عنصر نادر مصيره الى تراجع كمياته من دون اي بديل عنه. فهذه التوعية من شأنها ان تخلق حسا بالمسؤولية لدى المواطنين يسهم في الحفاظ على مصادر المياه. كما ان هذه الخطوة (التوعية) يجب ان تترافق مع تدابير تحد من تعرض التربة للانجراف والتعرية لان ذلك يساعد في اتساع ظاهرة التصحر، وهو عامل من العوامل المسرعة في ندرة المياه. وكلما زادت الرقعة الخضراء زادت المتساقطات وترافق ذلك مع تخفيف الهدر في القطاعات المستهلكة للمياه، الى جانب سياسة تجميع مياه الامطار والثلوج.
الحلول الممكنة
الحلول التي من شأنها توفير المناعة لدى لبنان في الموضوع المائي موجودة، وان كانت لم تخرج من طور الاقتراحات على الورق الى التنفيذ. فالمديرية العامة للموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه لديها اقتراح (خطة عشرية) تهدف بواسطة مشروع قانون لتأمين الاعتمادات اللازمة لدرس وتنفيذ الاشغال المائية الضرورية لتلبية حاجات المواطنين حاليا وللفترة القادمة في المجالات التالية:
- تأمين الموارد المائية الاضافية عبر مشاريع السدود والبحيرات وتغذية طبقات المياه الجوفية.
- مشاريع مياه الشفة.
- مشاريع مياه الري.
- مشاريع الصرف الصحي.
- مشاريع تقويم مجاري الانهر.
- الينابيع البحرية.
ويبلغ اجمالي كلفة هذه الاستراتيجية 3،1 مليار دولار تقريبا، مجدولة على امتداد عشر سنوات وممولة من موازنة الدولة ومن قروض ميسرة ومشاريع التنفيذ والتشغيل والاعادة (BOT).
ابرز نقاط الاستراتيجية المذكورة هي خطة انشاء السدود والبحيرات التي تعود الدراسات في هذا المجال الى عشرات السنين الماضية عندما بدأت الحاجة الى التخزين السطحي للمياه منذ ايام المهندس الشهير ابراهيم عبد العال والشيخ موريس الجميل، كما يقول مدير عام الموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه فادي قمير.
وبالعودة الى الماضي في الخمسينات من القرن المنصرم، قامت النقطة الرابعة الاميركية بدراسات اجرتها على مختلف الانهر اللبنانية، وحددت مواقع لاقامة السدود عليها. وشكلت هذه الدراسة، بحسب قمير، مخططا توجيهيا عاما للمياه في لبنان.
وفي عام 1969 قامت بعثة منظمة الاغذية والزرعة (FAO) بدراسة شاملة لجدوى انشاء سدود في محافظة لبنان الشمالي في اقضية عكار، طرابلس، زغرتا والكورة. وقامت المنظمة ايضا بتمويل دراسات عدة منها المساعدة في دراسة جدوى انشاء سدود لتزويد العاصمة بيروت بمياه الشفة ودراسة امكانية انشاء بحيرات في العديد من المناطق اللبنانية بواسطة مكاتب خبراء عالميين. ويقول قمير ان احدث هذه الدراسات هي تلك التي اعدتها الشركة الفرنسية (Lyonnaise des Eaux) في العام 1995، والتي بينت الحاجة الملحة للبنان في اتباع سياسة مستقبلية ناشطة في بناء السدود لسد العجز المتزايد في ميزانه المائي.
في ضوء هذه الدراسات ونظرا للحاجة المتزايدة، قامت المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه بوضع خطة عشرية للمشاريع المائية خصوصا تلك المتعلقة بالسدود والبحيرات. وهي المرة الاولى، كما يقول قمير، التي يتم فيها وضع خطة متكاملة ومبرمجة وشاملة للمشاريع المائية على كافة الاراضي اللبنانية وفقا للحاجة وللامكانيات الفنية.
الحجم الاجمالي للتخزين المتوقع من هذه المشاريع المنتشرة على كافة الاراضي اللبنانية هو 878 مليون م.3
من هذه المشاريع سد شبروح الذي ابصر النور، بينما هناك 16 مشروعا ينتظر دوره. وكلما تأخر تنفيذ احدها ازدادت الحاجة الى توفير كمياه مياه اكثر في ظل تراجع كميات المتساقطات.